فصل: قال ابن جزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة العنكبوت: الآيات 31- 32]:

{وَلَما جاءَتْ رسلنا إبْراهيمَ بالْبشْرى قالوا إنا مهْلكوا أَهْل هذه الْقَرْيَة إن أَهْلَها كانوا ظالمينَ (31) قالَ إن فيها لوطًا قالوا نَحْن أَعْلَم بمَنْ فيها لَننَجيَنه وَأَهْلَه إلا امْرَأَتَه كانَتْ منَ الْغابرينَ (32)}.
{بالْبشْرى} هي البشارة بالولد. والنافلة: وهما إسحاق ويعقوب. وإضافة مهلكو إضافة تخفيف لا تعريف. والمعنى الاستقبال. والقرية: سدوم التي قيل فيها: أجور من قاضى سدوم كانوا {ظالمينَ} معناه أن الظلم قد استمر منهم إيجاده في الأيام السالفة، وهم عليه مصرون، وظلمهم: كفرهم وألوان معاصيهم إن فيها لوطًا ليس إخبارا لهم بكونه فيها، وإنما هو جدال في شأنه، لأنهم لما عللوا إهلاك أهلها بظلمهم: اعترض عليهم بأن فيها من هو بريء من الظلم، وأراد بالجدال: إظهار الشفقة عليهم، وما يجب للمؤمن من التحزن لأخيه، والتشمر في نصرته وحياطته، والخوف من أن يمسه أذى أو يلحقه ضرر. قال قتادة: لا يرى المؤمن ألا يحوط المؤمن، ألا ترى إلى جوابهم بأنهم أعلم منه {بمَنْ فيها} يعنون: نحن أعلم منك وأخبر بحال لوط وحال قومه، وامتيازه منهم الامتياز البين، وأنه لا يستأهل ما يستأهلون، فخفض على نفسك وهون عليك الخطب. وقرئ لَننَجيَنه بالتشديد والتخفيف، وكذلك منجوك.

.[سورة العنكبوت: آية 33]:

{وَلَما أَنْ جاءَتْ رسلنا لوطًا سيءَ بهمْ وَضاقَ بهمْ ذَرْعًا وَقالوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إنا منَجوكَ وَأَهْلَكَ إلا امْرَأَتَكَ كانَتْ منَ الْغابرينَ (33)}.
{أَنْ} صلة أكدت وجود الفعلين مترتبا أحدهما على الآخر في وقتين متجاورين لا فاصل بينهما، كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان، كأنه قيل: كما أحس بمجيئهم فاجأته المساءة من غير ريث، خيفة عليهم من قومه {وَضاقَ بهمْ ذَرْعًا} وضاق بشأنهم وبتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته، وقد جعلت العرب ضيق الذراع والذرع: عبارة عن فقد الطاقة، كما قالوا: رحب الذراع بكذا، إذا كان مطيقا له، والأصل فيه أن الرجل إذا طالت ذراعه نال ما لا يناله القصير الذراع، فضرب ذلك مثلا في العجز والقدرة.

.[سورة العنكبوت: الآيات 34- 35]:

{إنا منْزلونَ عَلى أَهْل هذه الْقَرْيَة رجْزًا منَ السماء بما كانوا يَفْسقونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنا منْها آيَةً بَينَةً لقَوْمٍ يَعْقلونَ (35)}.
الرجز والرجس: العذاب، من قولهم: ارتجز وارتجس إذا اضطرب، لما يلحق المعذب من القلق والاضطراب. وقرئ: {منْزلونَ} مخففا ومشددا منْها من القرية {آيَةً بَينَةً} هي آثار منازلهم الخربة. وقيل: بقية الحجارة. وقيل: الماء الأسود على وجه الأرض. وقيل: الخبر عما صنع بهم {لقَوْمٍ} متعلق بتركنا أو ببينة.

.[سورة العنكبوت: الآيات 36- 37]:

{وَإلى مَدْيَنَ أَخاهمْ شعَيْبًا فَقالَ يا قَوْم اعْبدوا اللهَ وَارْجوا الْيَوْمَ الْآخرَ وَلا تَعْثَوْا في الْأَرْض مفْسدينَ (36) فَكَذبوه فَأَخَذَتْهم الرجْفَة فَأَصْبَحوا في دارهمْ جاثمينَ (37)}.
{وَارْجوا} وافعلوا ما ترجون به العاقبة. فأقيم المسبب مقام السبب. أو أمروا بالرجاء.
والمراد: اشتراط ما يسوغه من الإيمان، كما يؤمر الكافر بالشرعيات على إرادة الشرط. وقيل:
هو من الرجاء بمعنى الخوف. والرجفة: الزلزلة الشديدة. وعن الضحاك: صيحة جبريل عليه السلام، لأن القلوب رجفت لها {في دارهمْ} في بلدهم وأرضهم. أو في ديارهم، فاكتفى بالواحد لأنه لا يلبس {جاثمينَ} باركين على الركب ميتين.

.[سورة العنكبوت: آية 38]:

{وَعادًا وَثَمودَ وَقَدْ تَبَينَ لَكمْ منْ مَساكنهمْ وَزَينَ لَهم الشيْطان أَعْمالَهمْ فَصَدهمْ عَن السبيل وَكانوا مسْتَبْصرينَ (38)}.
{وَعادًا} منصوب بإضمار أهلكنا لأن قوله: {فَأَخَذَتْهم الرجْفَة} يدل عليه، لأنه في معنى الإهلاك {وَقَدْ تَبَينَ لَكمْ} ذلك: يعني ما وصفه من إهلاكهم {منْ} جهة {مَسْكَنهمْ} إذا نظرتم إليها عند مروركم بها، وكان أهل مكة يمرون عليها في أسفارهم فيبصرونها {وَكانوا مسْتَبْصرينَ} عقلاء متمكنين من النظر والافتكار، ولكنهم لم يفعلوا. أو كانوا متبينين أن العذاب نازل بهم لأن الله تعالى قد بين لهم على ألسنة الرسل عليهم السلام، ولكنهم لجوا حتى هلكوا.

.[سورة العنكبوت: آية 39]:

{وَقارونَ وَفرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهمْ موسى بالْبَينات فَاسْتَكْبَروا في الْأَرْض وَما كانوا سابقينَ (39)}.
{سابقينَ} فائتين، أدركهم أمر الله فلم يفوتوه.

.[سورة العنكبوت: آية 40]:

{فَكلًا أَخَذْنا بذَنْبه فَمنْهمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْه حاصبًا وَمنْهمْ مَنْ أَخَذَتْه الصيْحَة وَمنْهمْ مَنْ خَسَفْنا به الْأَرْضَ وَمنْهمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ الله ليَظْلمَهمْ وَلكنْ كانوا أَنْفسَهمْ يَظْلمونَ (40)}.
الحاصب: لقوم لوط، وهي ريح عاصف فيها حصباء. وقيل: ملك كان يرميهم. والصيحة: لمدين وثمود. والخسف: لقارون. والغرق: لقوم نوح وفرعون.

.[سورة العنكبوت: الآيات 41- 42]:

{مَثَل الذينَ اتخَذوا منْ دون الله أَوْلياءَ كَمَثَل الْعَنْكَبوت اتخَذَتْ بَيْتًا وَإن أَوْهَنَ الْبيوت لَبَيْت الْعَنْكَبوت لَوْ كانوا يَعْلَمونَ (41) إن اللهَ يَعْلَم ما يَدْعونَ منْ دونه منْ شَيْءٍ وَهوَ الْعَزيز الْحَكيم (42)}.
الغرض تشبيه ما اتخذوه متكلا ومعتمدا في دينهم وتولوه من دون الله، بما هو مثل عند الناس في الوهن وضعف القوة. وهو نسج العنكبوت. ألا ترى إلى مقطع التشبيه وهو قوله: {وَإن أَوْهَنَ الْبيوت لَبَيْت الْعَنْكَبوت}؟ فإن قلت: ما معنى قوله: {لَوْ كانوا يَعْلَمونَ} وكل أحد يعلم وهن بيت العنكبوت؟ قلت: معناه لو كانوا يعلمون أن هذا مثلهم وأن أمر دينهم بالغ هذه الغاية من الوهن. ووجه آخر: وهو أنه إذا صح تشبيه ما اعتمدوه في دينهم ببيت العنكبوت، وقد صح أن أوهن البيوت بيت العنكبوت، فقد تبين أن دينهم أوهن الأديان لو كانوا يعلمون. أو أخرج الكلام بعد تصحيح التشبيه مخرج المجاز، فكأنه قال: وإن أوهن ما يعتمد عليه في الدين عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون. ولقائل أن يقول: مثل المشرك الذي يعبد الوثن بالقياس إلى المؤمن الذي يعبد الله، مثل عنكبوت يتخذ بيتا، بالإضافة إلى رجل يبنى بيتا بآجر وجص أو ينحته من صخر، وكما أن أوهن البيوت إذا استقريتها بيتا بيتا بيت العنكبوت، كذلك أضعف الأديان إذا استقريتها دينا دينا عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون.
قرئ: تدعون، بالتاء والياء. وهذا توكيد للمثل وزيادة عليه، حيث لم يجعل ما يدعونه شيئا {وَهوَ الْعَزيز الْحَكيم} فيه تجهيل لهم حيث عبدوا ما ليس بشيء، لأنه جماد ليس معه مصحح العلم والقدرة أصلا، وتركوا عبادة القادر القاهر على كل شيء، الحكيم الذي لا يفعل شيئا إلا بحكمة وتدبير.

.[سورة العنكبوت: آية 43]:

{وَتلْكَ الْأَمْثال نَضْربها للناس وَما يَعْقلها إلا الْعالمونَ (43)}.
كان الجهلة والسفهاء من قريش يقولون إن رب محمد يضرب المثل بالذباب والعنكبوت، ويضحكون من ذلك، فلذلك قال: {وَما يَعْقلها إلا الْعالمونَ} أي لا يعقل صحتها وحسنها وفائدتها إلا هم، لأن الأمثال والتشبيهات إنما هي الطرق إلى المعاني المحتجبة في الأستار حتى تبرزها وتكشف عنها وتصورها للأفهام، كما صور هذا التشبيه الفرق بين حال المشرك وحال الموحد وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلا هذه الآية فقال: «العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه».

.[سورة العنكبوت: آية 44]:

{خَلَقَ الله السماوات وَالْأَرْضَ بالْحَق إن في ذلكَ لَآيَةً للْمؤْمنينَ (44)}.
بالْحَق أي بالغرض الصحيح الذي هو حق لا باطل، وهو أن تكونا مساكن عباده وعبرة للمعتبرين منهم، ودلائل على عظم قدرته: ألا ترى إلى قوله: {إن في ذلكَ لَآيَةً للْمؤْمنينَ} ونحوه قوله تعالى: {وَما خَلَقْنَا السماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهما باطلًا} ثم قال: {ذلكَ ظَن الذينَ كَفَروا}.

.[سورة العنكبوت: آية 45]:

{اتْل ما أوحيَ إلَيْكَ منَ الْكتاب وَأَقم الصلاةَ إن الصلاةَ تَنْهى عَن الْفَحْشاء وَالْمنْكَر وَلَذكْر الله أَكْبَر وَالله يَعْلَم ما تَصْنَعونَ (45)}.
الصلاة تكون لطفا في ترك المعاصي، فكأنها ناهية عنها. فإن قلت: كم من مصل يرتكب ولا تنهاه صلاته؟ قلت الصلاة التي هي الصلاة عند الله المستحق بها الثواب: أن يدخل فيها مقدما للتوبة النصوح، متقيا، لقوله تعالى: {إنما يَتَقَبل الله منَ الْمتقينَ} ويصليها خاشعا بالقلب والجوارح، فقد روى عن حاتم: كأن رجلي على الصراط والجنة عن يمينى والنار عن يساري وملك الموت من فوقى، وأصلى بين الخوف والرجاء، ثم يحوطها بعد أن يصليها فلا يحبطها، فهي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدا. وعن الحسن رحمه الله: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فليست صلاته بصلاة، وهي وبال عليه. وقيل: من كان مراعيا للصلاة جره ذلك إلى أن ينتهى عن السيئات يوما ما، فقد روى أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن فلانا يصلى بالنهار ويسرق بالليل، فقال «إن صلاته لتردعه» وروى أن فتى من الأنصار كان يصلى معه الصلوات، ولا يدع شيئا من الفواحش إلا ركبه، فوصف له فقال «إن صلاته ستنهاه» فلم يلبث أن تاب. وعلى كل حال إن المراعى للصلاة لابد أن يكون أبعد من الفحشاء والمنكر ممن لا يراعيها. وأيضا فكم من مصلين تنهاهم الصلاة عن الفحشاء والمنكر، واللفظ لا يقتضى أن لا يخرج واحد من المصلين عن قضيتها، كما تقول: إن زيدا ينهى عن المنكر فليس غرضك أنه ينهى عن جميع المناكير، وإنما تريد أن هذه الخصلة موجودة فيه وحاصلة منه من غير اقتضاء للعموم {وَلَذكْر الله أَكْبَر} يريد: وللصلاة أكبر من غيرها من الطاعات، وسماها بذكر الله كما قال: {فَاسْعَوْا إلى ذكْر الله} وإنما قال: ولذكر الله: ليستقل بالتعليل، كأنه قال: وللصلاة أكبر، لأنها ذكر الله. أو ولذكر الله عند الفحشاء والمنكر وذكر نهيه عنهما ووعيده عليهما أكبر، فكان أولى بأن ينهى من اللطف الذي في الصلاة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته {وَالله يَعْلَم ما تَصْنَعونَ} من الخير والطاعة، فيثيبكم أحسن الثواب. اهـ.

.قال ابن جزي:

{وَتَقْطَعونَ السبيل}.
قيل أراد قطع الطرق للسلب والقتل، وقيل: أراد قطع سبيل النسل بترك النساء وإتيان الرجال {وَتَأْتونَ في نَاديكم المنكر} النادي المجلس الذي يجتمع فيه الناس، والمنكر فعلهم بالرجال، وقيل: إذايتهم للناس.
{وَلَما جَاءَتْ رسلنَآ إبْرَاهيمَ بالبشرى} الرسل هنا الملائكة والبشرى بشارة إبراهيم بالولد وهو وقوله: {فَبَشرْنَاه بغلاَمٍ حَليمٍ} [الصافات: 101] أو بشارته بنصر سيدنا لوط، والأول أظهر {أَهْل هذه القرية} يعني قرية سيدنا لوط، {قَالَ إن فيهَا لوطًا} ليس أخبارًا بأنه فيها، وإنما قصد نجاة سيدنا لوط من العذاب الذي يصيب أهل القرية، وبراءته من الظلم الذي وصفوه به، فكأنه قال: كيف تهلكون أهل القرية وفيها لوط، وكيف تقولون إنهم ظالمون وفيهم لوط {منَ الغابرين} قد ذكر وكذلك {سيءَ بهمْ} {رجْزًا منَ السماء} أي عذابًا.
{وارجوا اليوم الأخر} قيل: الرجاء هنا الخوف، وقيل: هو على بابه {وَلاَ تَعْثَوْا في الأرض} يعني نقصهم المكيال والميزان {الرجفة} هي الصيحة.
{وَقَد تبَينَ لَكم من مسَاكنهمْ} أي آثار مساكنهم باقية تدل على ما أصابهم {وَكَانوا مسْتَبْصرينَ} قيل: معناه لهم بصيرة في كفرهم وإعجاب به، وقيل: لهم بصيرة في الإيمان، ولكنهم كفروا عنادًا، وقيل: معنى: مستبصرين عقلاء متمكنين من النظر والاستدلال، ولكنه لم يفعلوا {وَمَا كَانوا سَابقينَ} أي لم يفوتونا {فَمنْهم من أَرْسَلْنَا عَلَيْه حَاصبًا} الحاصب الحجارة، والحاصب أيضًا الريح الشديدة، ويحتمل عندي أنه أراد به المعنيين، لأن قوم سيدنا لوط أهلكوا بالحجارة، وعاد أهلكوا بالريح، وإن حملناه على المعنى الواحد نقص ذكر الآخر، وقد أجاز كثير من الناس استعمال اللفظ الواحد في معنيين كقوله: {إن الله وَمَلاَئكَتَه يصَلونَ عَلَى النبي} [الأحزاب: 56] ويقوي ذلك هنا لأن المقصود هنا ذكر عموم أخذ أصناف الكفار {وَمنْهمْ منْ أَخَذَتْه الصيحة} يعني ثمود ومدين {وَمنْهمْ منْ خَسَفْنَا به الأرض} يعني قارون {وَمنْهمْ منْ أَغْرَقْنَا} يعني قوم نحو وفرعون وقومه.
{مَثَل الذين اتخذوا من دون الله أَوْليَاءَ كَمَثَل العنكبوت اتخذت بَيْتًا} شبه الله الكافرين في عبادتهم للأصنام بالعنكبوت في بنائها بيتًا ضعيفًا، فكان ما اعتمدت عليه العنكبوت في بيتها ليس بشيء فكذلك ما اعتمدت عليه الكفار من آلهتهم ليس بشيء لأنهم لا ينفعون ولا يضرون {أَوْهَنَ البيوت} أي أضعفها {كَانوا يَعْلَمونَ} أي لو كانوا يعلمون أن هذا مثلهم.
{إن الله يَعْلَم مَا يَدْعونَ من دونه من شَيْءٍ} ما موصولة بمعنى الذي مفعولة للفعل الذي قبلها وقيل: هي نافية، والفعل معلق عنها والمعنى على هذا: لستم تدعون من دون الله شيئًا له بال، فلا يصلح أن يسمى شيئًا.
{بالحق} أي بالواجب لا على وجه العبث واللعب.
{إن الصلاة تنهى عَن الفحشاء والمنكر} إذا كان المصلي خاشعًا في صلاته، متذكرًا لعظمة من وقف بين يديه، حمله ذلك على التوبة من الفحشاء والمنكر؛ فكأن الصلاة ناهية عن ذلك {وَلَذكْر الله أَكْبَر} قيل: فيه ثلاثة معان؛ الأول أن المعنى أن الصلاة أكبر من غيرها من الطاعات، وسماها بذكر الله، لأن ذكر الله أعظم ما فيها، كأنه أشار بذلك إلى تعليل نهيها عن الفحشاء والمنكر، لأن ذكر الله فيها هو الذي ينهي عن الفحشاء والمنكر: الثاني أن ذكر الله على الدوام أكبر في النهي عن الفحشاء والمنكر من الصلاة، لأنها في بعض الأوقات دون بعض: الثالث أن ذكر الله أكبر أجرًا من الصلاة ومن سائر الطاعات، كما ورد في الحديث: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم؛ قالوا: بلى قال: ذكر الله». اهـ.